أَهَمِّيَّةُ نَشْرِ وَتَعْلِيمِ القُرْآنِ الكَرِيمِ

brown and black hardbound book
brown and black hardbound book

مُقَدِّمَةٌ
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ تَعْلِيمَهُ وَتَدَبُّرَهُ سَبِيلًا إِلَى الفَلَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ كَانَ قُرْآنًا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

يُعَدُّ نَشْرُ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَتَعْلِيمُهُ مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، فَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ المُنَزَّلُ عَلَى خَيْرِ البَرِيَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَفِيهِ كُلُّ مَا يَحْتَاجُهُ المُسْلِمُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ أَحْكَامٍ وَمَوَاعِظَ وَتَوْجِيهَاتٍ تُرْشِدُهُ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ.

أَوَّلًا: فَضْلُ نَشْرِ القُرْآنِ الكَرِيمِ
لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَشْرِ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَتَبْلِيغِهِ لِلنَّاسِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [المائدة: 67].

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَوَّلَ مَنْ قَامَ بِهَذِهِ المُهِمَّةِ العَظِيمَةِ، فَنَشَرَ القُرْآنَ وَبَلَّغَهُ، وَبَذَلَ فِي ذَلِكَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ، وَاتَّبَعَهُ صَحَابَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَسَارُوا فِي الأَرْضِ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَنْشُرُونَ دَعْوَتَهُ.

وَفِي ذَلِكَ فَضْلٌ عَظِيمٌ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

ثَانِيًا: فَضْلُ تَعْلِيمِ القُرْآنِ الكَرِيمِ
تَعْلِيمُ القُرْآنِ الكَرِيمِ سَبِيلٌ إِلَى الفَوْزِ بِرِضَا اللَّهِ وَثَوَابِهِ العَظِيمِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:

  1. مُضَاعَفَةُ الأَجْرِ لِمَنْ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيُعَلِّمُهُ
    قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: ﴿ الم ﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

  2. رِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ فِي الجَنَّةِ
    قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

  3. شَفَاعَةُ القُرْآنِ لِصَاحِبِهِ
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

ثَالِثًا: دَوْرُ القُرْآنِ فِي إِصْلَاحِ المُجْتَمَعِ
إِنَّ نَشْرَ القُرْآنِ وَتَعْلِيمَهُ لَهُ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَهْذِيبِ النُّفُوسِ وَإِصْلَاحِ المُجْتَمَعِ، فَالقُرْآنُ كِتَابُ هِدَايَةٍ وَتَوْجِيهٍ، وَهُوَ يُنَشِّئُ جِيلًا صَالِحًا يَعْرِفُ حُدُودَ اللَّهِ وَيَسِيرُ عَلَى نُورِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

خَاتِمَةٌ
لَا شَكَّ أَنَّ نَشْرَ القُرْآنِ وَتَعْلِيمَهُ مِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ الَّتِي تُقَرِّبُ العَبْدَ مِنْ رَبِّهِ، وَتُسَاهِمُ فِي صَلَاحِ الأُمَّةِ وَنَهْضَتِهَا. وَمِنْ وَاجِبِنَا كَمُسْلِمِينَ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَنَشْرِهِ، لِنَكُونَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ». قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ القُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» (رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا تِلَاوَتَهُ وَتَعْلِيمَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي يُرْضِيهِ.